يحمل الكثير من الأشخاص مشاعر الحقد و الحسد في صدورهم ، فلا يرون الدنيا إلا ظلاما دامسا يغطون في نوم عميق إلى الأبد ، فلا يستلذون بطيب العيش و لا روعة الحياة ، يرون اللون الأسود أمامهم يعكس حلكته في كل شيء ، لا يرون أمامهم إلا الشوك و الدماء ، فكأنما خلقوا ليموتوا فقط ، لا لكي يعبدوا الله و يحبوه ، و محبة الله في محبة خلقه ، في الشعور بالجمال و الحب و الحياة الهنيئة ، في قذف المشاكل إلى أبعد الحدود ، في تجاوز الظلمات و المصاعب اليومية ، في مساعدة الناس و محبتهم ، في الشعور بالمظلوم إذا ظلم ، في رحمة المحتاج الذي سلب حقه ، في القيام بالعمل الصالح الذي ينفع و ينتفع به ، في نشر الفرح و السرور في قلوب الأطفال الصغار ،في البراءة التي أودعها الله في ملائكته ، في الوقوف أمام كل هول دون خوف أو جزع ... تلك هي الحياة حقا ، و ذلك ما يحتاجه العديد في وقتنا هذا .
أناس لا هم لهم إلا نعي ما فات ، و تذكر المآسي ، و تهويل البسيط من الأمور ، ونشر الرعب بقدوم البعبع الذي سيلتهم خيرات الناس ، في التنكيد على العيش ، و نشر نصائح مزيفة لم تنفعهم و يريدون نفع الناس بها ، في تحميل المهمومين من الناس فوق طاقاتهم من تشاؤم و فقدان أمل .
حقيقة الكون غائبة ، و لا يجوز لأحد التعدي عليها ، و محاولة معرفة ما أخفاه المولى عنا ، صحيح أنه يجوز لنا الإكتشاف ، و تخطي الحدود العلمية ، و لكن لا يجوز لنا مطلقا التفلسف في شؤون الخالق ، و رفع رايات للتشاؤم ، و الغوص في قضية القضاء و القدر ، و المكتوب على كل فرد منا ، فكل شخص مسؤول عن نفسه ، و كل شخص مسؤول عن أخطائه ، فقد سطرت لنا قوانين الحياة ، فمن تبعها ، و صبر عليها ، نجح في الحياة العلمية و العملية ، و من حاول التكبر و الشموخ فوق طاقته ، و خرق قوانين الحياة فلا لوم على غيره ، و لا يجوز لنا التدخل في حياته لتسطير ما انكسر من عمله ...
تكمن روعة الحياة في الرحمة بين المخلوقات ، تلك الرحمة التي نشرها الله بين عباده ، محبة فيهم ، و كل من كرب بغير سبب ، فإن الله إما يمتحنه ، ليجزيه ألف خير ، أو كرهه لمعصيته له ، و الله رؤوف بعباده أكثر من رأفة الأم على أولادها ، و من عطف الأب على عياله ، و من خوف الراعي على رعيته ، خلق الكون ، و خلق معه الحب ، خلق أشياء جميلة رائعة ، و خلق أشياء متعبة صعبة ، فقط لتكون الجميلة حلوة و ذات نكهة بعد المرور على الصعبة المتعبة ، فيا لحكمة الله في خلقه ، خلق فسوى .
صحيح أن الإنسان في طبعه يميل للشكوى و العتاب ، و يمل و يكره من الأصحاب ، و لا يحلو له أحيانا الأحباب ، و لكننا خلقنا من التراب ، و مآلنا إلى التراب ، فلماذا ننكد العيش و ننغصه ، و نترك اللون الأسود القاتم يطغى على حياتنا اليومية ، لماذا ننافق مع أنفسنا ، ألا يجب علينا التحلي بالصبر ، و ما أجمل الصبر .
شباب اليوم بلا عمل ، شباب اليوم بلا مستقبل .. كلمة تردد على مسامعنا كثيرا ، و لكن يا شباب اليوم ، هل تطيعون الله و تحبونه ، هل تعبدون الله و تقربون إليه خمس مرات في اليوم ، هل تطيعون والديكم ، هل تقتدون بالحبيب محمد صلى الله عليه و سلم ؟ ...إن كانت الإجابة نعم ، فابشروا بالخير القادم ، بالفرج بعد الصبر ، بالفرح بعد الكرب ، بالمستقبل الزاهر بعد الضياع ، و إن كانت الإجابة لا ... فلا تنطق ببنت شفة ، و لا تنغص علينا حلم الحياة الجميل ، ولا تحرمنا نعمة الفقر و الحب ، نعمة الحاجة و المنح ، نعمة التعب اليومي و راحة الضمير ، تكفيك همومك يا عاصي ، و لا تكتب و لا تقاسي ، و بادر للتوبة قبل فوات الأوان ، التوبة النصوح التي تمنح لصاحبها الطمأنينة ، و لكي تتوب فقط شرط واحد ، تمتع بالحب ، تمتع بالرحمة ، غير حياتك و تفاءل ، ساعد خلق الله يساعدك و يسعدك .
لا نحتاج إلى كلام دكاترة عصوا الله فأراهم حق أنفسهم ، نريد كلام علماء يعلمون حقيقة الكون ، يعلمون السر في النجاح ، جربوا الحياة و نجحوا ، و عرفوا كيف يأخذون بأيدي الشباب إلى جادة الصواب .