3 – 2. هذه التحديات تستدعي عدداً من الحلول نجملها بالتالي:
• لا شك أن أول الحلول يكمن في الآثار الإيجابية التي ستترتب على إرساء جو المنافسة ذاته، واحتدامها في مواجهة السلع الأجنبية بعد تحصين الإنتاج السوري، ولفترة طويلة، في خندق الحماية ومنطقها، أو خلف سياج الاحتكار وريعه. وستحدث هذه الآثار في المدى القصير والمتوسط/البعيد. فعلى المدى القصير تمثل المنافسة حافزاً جوهرياً للمنتج المحلي، كي يعبئ، عندما يستشعر الخطر، إمكاناته وكافة موارده المتاحة لتحسين الإنتاج جودة وسعراً من خلال تعظيم الإنتاجية، وخفض الفاقد وترشيد الإنفاق، وتنمية المهارات الفنية والتسويقية، ووضع أنظمة فعالة للصيانة وإدارة المستودعات ومحاسبة التكاليف وتدفق المعلومات داخل المنشأة أو المؤسسة وتحفيز العاملين عبر إشراكهم في تطوير المنشأة، وتشجيعهم على تقديم اقتراحاتهم بالتحسين مما يعظم حرصهم على مصير منشأتهم. كما قد تؤدي إلى دفع المنشآت، وغالبيتها العظمى عائلية، لتجاوز التفتت، بالتعاون فيما بينها عبر صيغ شتى، بما فيها الاندماج، مما يساهم أيضاً في تطوير الهيكل الإنتاجي وزيادة عائدة وخلق قدرة الإنتاج من عمالة ورأس مال، وتوجيهها نحو القطاعات التي تمتع فيها سورية بمزايا نسبية، والتي يتحقق معها أكبر قدر من القيمة المضافة محلياً.
• إعادة تأهيل المنشآت الصناعية المعرضة –للتهديد- وخاصة في نطاق الفئة التي تستخدم أكثر من 10عمال، بحيث تعاد هيكلتها لتصبح قادرة على الصمود والمنافسة، وهذا يقتضي أن نحتذي بالبرتغال، عندما انتسب للمجموعة الأوربية بإنشاء صندوق خاص تديره وزارة الصناعة، ويشتمل على شقين أولهما لتمويل الاستشارات، وثانيهما لتمويل تنفيذ عملية إعادة التأهيل والهيكلة. وهذا ما تفعله الآن بمعونة الاتحاد الأوربي تونس والمغرب ومصر، حيث رصد له مبلغ 420 مليون دولار. أما المنشآت المهددة بالزوال فلا بد من أن تتحد في إطار تجمعات صناعية، ترشد من خلالها نشاطها الإنتاجي، بتقسيم العمل فيما بينها، وتأمين مستلزمات الإنتاج وتطوير مهارات أفرادها بصورة جماعية. وفيما يتعلق بالمنشآت التي تستخدم أقل من 10 عمال فيتوجب اتخاذ عدد من الإجراءات الداعمة منها: (أ) إيجاد الأطر المناسبة وتوفير الحوافز الملائمة لضمها في اتحادات وجمعيات تعاونية، من شأنها تعظيم كفاءاتها الإنتاجية والاقتصادية. (ب) توفير البنية المادية المناسبة لتسهيل انتظام هذه المنشآت في اتحادات وجمعيات والمتمثلة بالمناطق الصناعية الخاصة بها، وتأجيرها أو تمليكها ما تحتاجه من أمكنة لممارسة نشاطها الإنتاجي، كما فعل العديد من الدول الأخرى. وتلعب الدولة دوراً رئيسياً في هذا الإطار.
• تعظيم التصدير من خلال تنفيذ استراتيجية متكاملة، تشكل عنصراً أساسياً في استراتيجية التنمية الاقتصادية الشاملة، تصوغها الدولة مع القطاع الخاص، وتستهدف زيادة الصادرات السورية بصورة مضطردة، باعتبارها قارب النجاة الوحيد أمام شبح نضوب النفط وتصاعد عجز الميزان التجاري السوري عامة وذاك المتعلق بالقطاع الخاص. ويجب أن تنطوي هذه الاستراتيجية على:
1. تشخيص دقيق للسياسات واجبة الاتباع حاضراً ومستقبلاً وللأسواق المستهدفة بالإضافة إلى سبل تخفيض تكاليف الإنتاج المباشرة، من حيث المدخلات، وغير المباشرة من حيث الضرائب والرسوم، وتوفير التمويل المناسب والسماح للقطاع الخاص بالاستثمار في أي مجال تثبت فيه جدواه الاقتصادي والاجتماعية، بما في ذلك تصنيع الغزول القطنية واستغلال الثروة الرخامية.
2. اتخاذ الدولة للإجراءات المرتبطة بتنفيذ هذه السياسات:
تخفيض تكلفة المدخلات بإلغاء عمولة مؤسسات التجارة الخارجية على استيراد مستلزمات الإنتاج للتصدير، وتخفيض الرسوم الجمركية إلى الحد الأدنى على هذه المستلزمات بالذات، وتوفير المواد الأولية الوسيطة التي ينتجها القطاع العام بالأسعار العالمية.
منح مزايا ضريبية، من تخفيض ضريبة الدخل على الصادرات والسماح للمصدرين بالاحتفاظ بعوائد التصدير لتغطية مستورداتهم الخاصة بإنتاجهم، وشراء مكتب للمتبقي من عوائد التصدير بالسعر الفعلي بما يعنيه ذلك من قطع دابر التصدير الوهمي.
إعطاء حوافز خاصة للشركات التجارية المتخصصة بالتصدير، وللشركات المصنعة للمنتجات ذات التكنولوجية العالية مثل المكونات.
توفير التمويل اللازم لتنفيذ عقود الصادرات بأسعار تشجيعية، مع الأخذ بمعيار حجم التصدير كأساس لتحديد سقف القروض والتسهيلات الائتمانية.
تسهيل عمليات الإدخال المؤقت وتطبيق نظام المستودع الصناعي.
توفير قاعدة معلومات مناسبة تشتمل على المعنيين بالتصدير منتجاً كان أم تاجراً، الأسواق المستهدفة ومواصفات السلع المطلوبة والمستوردين المحتملين في هذه الأسواق.
تنشيط المشاركة السورية في المعارض الخارجية إذ لا يتجاوز عدد المعارض التي تشارك فيها الآن ثلاثة معارض بعد أن كانت تشارك في سبعة عشر معرضاً في منتصف الثمانينيات.
إحكام الرقابة الصارمة على الصادرات لاحترام المواصفات المتفق عليها مصحوبة بالمؤيدات الزاجرة.
وضع خطط ديناميكية للتصدير تشتمل على تحديد أهداف كمية معينة في زيادة الصادرات، بالاتفاق مع الجهات المنتجة أو المصدرة، مقرونة بمنح جوائز تقديرية منوية لأبرز المصدرين.